عقد الإيجار أو اتفاقيّة الإيجار، هي عبارة عن وثيقة رسميّة ما بين المالك والمُستأجر لضمان حق كل من الطرفين، ويتضمن بعض الأساسيّات، ويُعد موضوع عقد الإيجار من المواضيع التي تحتل الصدارة في وقتنا الحالي، فهو عقد يُتيح للمُلّاك استغلال أملاكهم، ويُتيح لغير المُلّاك منهم الإنتفاع بما لا يملكون، كما أنه يُعد ذا أهمية اقتصاديّة واجتماعيّة كبيرة، لذا كان لا بُدَّ تسليط الضوء عليه وتفصيل كافّة أحكامه.
يُعرف عقد الإيجار بأنه عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يُمكّن المُستأجر من الإنتفاع بشيء مُعيّن لمدة معينة لقاء أجر معلوم، كما أنه يُعد عقد يُمكّن المؤجر بمقتضاه المستأجر من الإنتفاع بشيء لمدة مُحددة مقابل بدل إيجار معلوم ويكون الثمن في الأصل مالاً إلا أنه يجوز أن يكون هذا البدل تقديم عمل.
1- عقد الإيجار عقد رضائي، أي أنه عقد يكفي لإنعقاده توافق القبول ما بين الطرفين، ويتعيّن مُراعاة أن رضائيّة العقد لا تتعلق بالنظام العام، ومن ثم يجوز لطرفيه الإتفاق على عدم قيام الإيجار فيما بينهما إلا اذا اتبع شيء معين.
2- يُعد عقد الإيجار عقد ملزم لكلا الجهتين؛ المؤجر والمُستأجر، حيث أنه يرتب في ذمة المؤجر التزامات تقابلها التزامات أخرى تنشأ في جانب المُستأجر، فيلتزم المؤجر بتسليم العين المؤجرة وتعهدها بالتجارة وضمان التعرض والعيوب الخفية الأخرى، ويلتزم المُستأجر بدفع الأجرة بحسب ما أعدت له وبالمُحافظة عليها وردها.
3- عقد الإيجار عقد زمني، فالزمن هو الذي يُحدد مقدار هذه المنفعة، فمن غير المتصور أن يقوم المؤجر بتنفيذ التزامه بتمكين المُستأجر من الإنتفاع لمدة سنة في لحظة واحدة، بل أنه لا بُدًّ أن يستغرق هذا التنفيذ سنة كاملة، فعقد الإيجار هو عقد زمني مُستمر، وذلك لأن المنفعة التي يرد عليها يجب أن تؤدى بغير انقطاع طوال المدى المتفق عليها فالمنفعة في عقد الإيجار تُقاس بالزمن.
4-عقد الإيجار لا يرد إلا على الأشياء التي لا تهلك بمجرد الإستعمال لأنه يخوّل المُستأجر منفعة الشيء مدة محددة على أن يرده بعينط بعد أن ينتفع به، فعقد الإيجار لا يرد على النقود والمواد الغذائيّة لأنها قابلة للإستهلاك.
التراضي
حتى تتم عمليّة الإيجار بالشكل الصحيح يجب أن يتحقق للعقد شروط انعقاد وشروط صحة، وفيما يتعلق بشروط الإنعقاد فعقد الإيجار من العقود الرضيائيّة التي يكفي فيها التراضي لإنعقاده، فبمجرد أن يتبادل أطراف العقد؛ وهما المؤجر والمُستأجر التعبير عن إرادتين مُتطابقتين، مع قيام المؤجر بتمكين المُستأجر من الإنتفاع بالشيء مدة معينة لقاء أجر معلوم، كما أن التعبير عن إرادة التأجير والإستئجار يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المُتداولة عرفًا ويُمكن أيضًا أن يكون ضمنيًا.
- تطابق الإيجاب والقبول:يتعيّن أن يتطابق الإيجاب والقبول فيما يتعلق بالعناصر الرئيسيّة في العقد وهي طبيعة العقد، العين المؤجرة، ومدّة الإنتفاع بها، وأن تتوافق الإرادتين على العين المؤجرة، ومدة الإنتفاع بها والأجرة الواجبة.
- الرضا وفقًا للقواعد العامّة:فيما يتعلق بسلامة الرضا فليس من عيوب الإرادة ما يخص عقد الإيجار بخصوصيّة معينة، ومن ثم يكتفي بما ورد في باب الإلتزامات بوجهٍ عام ووفقًا للقواعد العامّة لا يكون العقد صحيحًا بل يكون قابلاً للإبطال إذا شاب رضا أحد الطرفين عيب من عيوب الإرادة، وفي حال قام المؤجر أو المُستأجر بمباشرة العقد بنفسه فيجب حتى ينعقد العقد صحيحًا أن يكون أهلاً للتأجير والإستئجار.
المحل
يتحدد مضمون العلاقة الإيجاريّة في ثلاثة عناصر:
1- التمكين من الإنتفاع.
2-المدة التي لا يتصور التمكين من الإنتفاع إلا من خلالها.
3- المقابل النقدي الذي يدفعه المُستأجر للمؤجر لقاء انتفاعه بالعين المؤجرة.
التمكين من الإنتفاع
يرتبط التمكين من الإنتفاع بالشيء المؤجر ارتباطًا أساسيًا لذلك تحمل الشروط الواجب توافرها في التمكين من الإنتفاع إلى شروط في الشيء المؤجر ذاته، وجميعها تُعبّر عن فكرة واحدة ألا وهي أن يكون ذلك التمكين ممكنًا فعلاً وقانونًا، وشروط الشيء المؤجر هي ذاتها الشروط التي تتطلبها القواعد العامّة فيجب أن يكون الشيء المؤجر موجودًا أو ممكن الوجود ومعينًا أو قابلاً للتعيينن، وأن يكون قابلاً للتعامل فيه وغير قابل للإستهلاك حتى يُمكن ردّه بذاته.
المدة
يُعد الغرض الأساسي من عدم جواز تأبيد الإيجار وإيجاب توقيته هو حرص المشرع على عدم الفصل ما بين المنفعة والمُلكية بصفة مستمرة أو مدة طويلة جدًا، لأن هذا الفصل من جانب يجعل المصلحة في العناية بالمال المؤجر موزعة إلى الأبد ما بين المُستأجر والمالك، فيهمل كل منهما اتخاذ ما يلزم لصيانة ذلك المال وتحسينه اعتمادًا على الآخر، فليس المقصود بالتأبيد الإستمرار اللانهائي ولا المقصود بالتوقيت هو مجرد وقت وينتهي فيه الإيجار، ولكن المقصود ألا تكون مدّة الإيجار طويلة بحيث تجعل له عيوب التأبيد.
الأجرة
الأجرة هي عبارة عن مُقابل يلتزم المُستأجر بتقديمه إلى المؤجر مُقابل انتفاعه بالمال المؤجر، والأجرة تُعتبر عنصرًا أساسيًا لا ينعقد الإيجار بدونه، وفي حال قصد المؤجر أن يخول المستأجر المنفعة دون أجرة فإن العقد يكون عاريًا استعمال أو هبة لحق الإنتفاع، كما أن اعتبار الأجرة عنصر لازم في عقد الإيجار لا يعني بالضرورة وجوب ذكر مقدارها صراحةً في العقد، بل أنه يكفي أن يتم التراضي فيما بينهما على إبرام العقد مع تعيين الشيء المؤجر فيتكفل القانون أو العرف ببيان قدر الأجرة المطلوبة.