تقنيات سلامة المباني لمقاومة الزلازل

نستذكر سويًا عام 2023 الذي صُنف بأنه عام الكوارث الطبيعيّة كما تحدثنا في مقالٍ سابق عن الكوارث التي أودت بحياة الأشخاص في هذا العام، والذي ألحق أضرارًا جسيمة في الأرواح والمُمتلكات خاصةً زلزال سوريا ومدن الجنوب التُركي، الأمر الذي لفت أنظار العديد من الأشخاص في الدول الأخرى للتساؤل عمّا إذا كانت مبانيهم فُرضت فيها معايير تشييد مبانٍ مُقامة للزلازل، وفي حقيقة الأمر بدأت دول عدّة تقوم بتطبيق معايير السلامة المُتعلقة بالمباني ومن أولى تلك الدول هي اليابان خاصةً بعد الزلزال الذي لحق بها وصُنف بأنه من أكثر الزلازل تدميرًا في العالم، ويبقى السؤال هُنا ما هي تقنيات سلامة المباني المُقاومة للزلازل؟

لماذا تنهار المباني؟

قبل التطرُق إلى موضوع تقنيات سلامة المباني المُقاومة للزلازل دعنا نوُّضح لك السبب الرئيسي وراء إنهيار المباني عند حدوث الزلازل؟

في حقيقة الأمر أن هدم المبنى وإعادة بنائه يُعد أمر مكلفًا للغاية ويحتاج وقت وجهد طويل، لهذا السبب تُعتبر تقنيات تقوية المباني بديلاً أقل إزعاجًا وتكلفة وأقصر وقتًا للمباني المُتضررة بشكل طفيف أو بشكل متوسط، أو رُبما تلك المباني التي بُنيت بطريقة تقليدية قديمة دون مُراعاة إجراءات السلامة، كما أن متانة ومُقاومة المبنى تزداد بفضل التحسينات الهندسية، حيث أن المباني والأراضي تُقيّم مهمتها في تحديد ما إذا كان المبنى مُناسبًا للتعزيز والتقوية، حيث توجد هُناك بعض الشركات التي تستخدم مجموعة متنوعة من التقنيات لجعل المنازل أو المباني السكنية والتجارية على حدٍ سواء أكثر مُقاومة للزلازل، مع ذلك يجب اتخاذ بعض الإجراءات قبل أعمال التقوية، ففي البداية يُتحقق في ما إذا كان المبنى شُيّد وفقًا للتصميم الهندسي الموضوع مُسبقًا، بعد ذلك يتم إجراء مسح أرضي زلزالي لمعرفة حالة المبنى، ويجب التنويه بأن مسح المبنى يتم وفق إجراء هندسي تحت أيدي مُهندسين ذوي خبرة باستخدام الأشعة السينية، ويتم فحص أعداد وأقطار حديد التسليح المُستخدم في العناصر الإنشائيّة في الهيكل، وفي بعض الأحيان يُجرّد بعض العناصر الحاملة للتحقق من تآكل وضعف حديد التسليح، كما تؤخذ عيّنات خرسانية من المبنى بأعداد كافية من الأماكن اللازمة ومن ثم تُختبر العينات المأخوذة من المبنى في المُختبر وتحدد القوة الحالية للخرسانة.

كيف يُعزز البناء؟

البناء العمراني هو أول عنصر يتأثر في حدوث الزلازل والكوارث الطبيعيّة، حيث أن الزلازل تؤثر على المباني بحركات ذهاب وإياب، وتتمثل النقطة الأهم في مُقاومة الإنهيار وسط هذه الحركات في بناء هيكل مرن، أي تصميم مبانٍ بشكل يتماشى مع الضغط والحركات الإهتزازيّة، وبالتالي لا بُدَّ من بناء هياكل تتمتع بالقوة والصلابة وتكون مرنة في الوقت ذاته، ولإعداد التقرير النهائي الذي يُحدد أفضل طرق التقوية والتعزيز للمبنى، يتم تصميم ونمذجة المبنى إنشائيًا على برامج الكمبيوتر لفحص حالته تحت أحمال الزلازل المختلفة، فالمعيار الأكثر أهمية في أعمال التقوية هو التطبيق الصحيح، خلافًا لذلك إذا قُمت بتطبيق طُرق خاطئة على المبنى المُراد تقويته فقد يصبح المبنى أكثر عرضة للإنهيار بسبب الزلازل.

ومن الطُرق المستخدمة من قبل الخبراء والمُهندسين لتعزيز المباني لمقاومة الزلازل:

أغلفة الخرسانة المسلحة

الخرسانة المسلحة هي من الأساليب الأكثر استخدامًا لتقوية أعضاء المنشآت الخرسانية، ويُبنى إمّا بالخرسانة المصبوبة في كثير من الأحيان، وإمّا بالخرسانة المرشوشة، وتتضمن هذه الطريقة إضافة طبقة من الخرسانة على شكل غلاف فوق شبكة من حديد التسليح التي تُحيط بالأجزاء المُراد تقويتها من قواعد وأعمدة وعوارض.

بناء جدران خرسانية جديدة

تتكون هذه الطريقة من إنشاء جدران جديدة ذات أبعاد كبيرة في مواقع مُختارة في مُحيط المبنى أو في داخل المبنى، بحيث يُمكن أن يكون للجدران تأثير مُفيد للغاية على الأداء الزلزالي للمباني القائمة، مما يوفّر في الوقت ذاته زيادة كبيرة في القوة والصلابة والليونة.

دعائم الفولاذ

توفّر دعامة الفولاذ مزايا مماثلة لبناء جدران جديدة، الأمر الذي يزيد من قوة وصلابة وليونة المبنى، بحيث تُثبت الدعائم مُباشرةً على الإطار الخرساني من الداخل أو الخارج لتقوية الهيكل الرئيسي، حيث تُساهم هذه الطريقة في المقاومة الجانبية للهيكل من خلال القوة المحورية التي تتطور في أعضائها المائلة.

الياف الكربون المُقوى

ألياف الكربون هي مادة أقوى وأخف وزنًا من المعادن، تُحضر من ألياف قوية شد عالية داخل مصفوفة بوليمر مثل بلاستيك الإيبوكسي أو فينيلستر أو بوليستر بالحرارة، ثُم تُحاك ذهه الخيوط في أقمشة عن 1 مليمتر.

أغلفة فولاذية

تقوم هذه الأغلفة بتحسين الألواح أو الأشرطة الفولاذية المفردة الملتصقة بالأعضاء الخرسانية قوة الإنحناء على غِرار شرائح ألياف الكربون المُقوى، كما أن الألواح والأشرطة والزوايا المرتبطة معًا تُشكل غلاف يُمكن أن تزيد من تحمل قوة القص وتحسّن سلوك الأجزاء الإنشائيّة كثيرًا في أثناء حدوث الزلزال.

إلى هُنا نكون قد وصلنا إلى خِتام مقالنا، آملين بأن نكون قد قدمنا معلومات شيّقة ومُفيدة حول تقنيات سلامة المباني لمقاومة الزلازل.

فريق منصة طابو العقاري